ركزت إحدى المراجعات الحديثة على دور البقوليات في تحسين صحة القلب. حيث استخلص الباحثون، من نتائج دراسات متعددة وتحليلات سابقة، أن البقوليات قد تفيد في صحة قلب الإنسان، ولكن الأدلة على ذلك ليست قوية. فمن المنطقي أن التغذية تلعب دورًا محوريًا في الصحة. والدليل على ذلك أنه من المعروف أن تناول نظام غذائي غني بالسكر والملح والدهون يزيد من خطورة إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض.
وعلى النقيض تمامًا، فمن المرجح أن تناول نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات الطازجة يعمل على تقليل مخاطر الإصابة ببعض الحالات المرضية. ومع ذلك، فإن الوصول إلى معرفة مدى تأثير أحد الأطعمة الفردية على مرض معين أمر صعب للغاية.
ولكن قد قام مؤلفو مراجعة حديثة في Advances In Nutrition بدراسة هذا الأمر (مدى تأثير أحد الأطعمة على مرض معين). حيث أرادوا أن يتعرفوا على كيفية تأثير البقوليات، والتي تشمل الفاصوليا والبازلاء والعدس، على صحة القلب.
وقد ركزوا بشكل خاص على خطر الإصابة بأحد امراض القلب والأوعية الدموية (CVD)؛ وعدد وفيات الأمراض القلبية الوعائية. ومن الجدير بالذكر هنا أن الأمراض القلبية الوعائية تتضمن أمراض القلب التاجية، واحتشاء عضلة القلب، والسكتة الدماغية. كما قاموا بالتحقيق في مدى تأثير استهلاك البقوليات على مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة.
وفي هذا الصدد؛ فقد قامت الدكتورة هناء كاهيلوفا – المؤلفة المشاركة في الدراسة وأحد أعضاء لجنة الأطباء من أجل الطب المسؤول في واشنطن – بشرح سبب التحقيق في صحة القلب بشكل خاص؛ قائلة “إن صحة القلب تُعد مسألة ملحة للبحث؛ إذ أن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الرئيسي – والأعلى – في العالم في زيادة معدلات حالات الوفاة، حيث أنها تكلف الولايات المتحدة على سبيل المثال ما يقرب من 1 مليار دولار في اليوم “.
لماذا البقوليات لصحة القلب؟
تُعتبر البقوليات مصدر غني بالألياف والبروتين والمغذيات الدقيقة. كما أنها تحتوي على القليل من الدهون والسكر. وبسبب ذلك وكما يشرح مؤلفو الدراسة: “أن جمعية القلب الأمريكية والجمعية الكندية لأمراض القلب والجمعية الأوروبية لأمراض القلب تشجع تناول الأنماط الغذائية التي تعتمد على البقوليات” لخفض مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL أو الكوليسترول السيئ) في الدم بالإضافة إلى خفض ضغط الدم وإدارة مرض السكري بشكل جيد ” ومفيدة لصحة القلب.
وفي الآونة الأخيرة، قد كُلفِت الرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري بإجراء سلسلة من المراجعات المنهجية والتحليلات البعدية عن طريق استخدام نتائج الدراسة الحالية، آملين بذلك في تحديث التوصيات الحالية حول دور البقوليات في منع وعلاج أمراض القلب والاوعية الدموية.
وفي الدراسة الحالية بما يتعلق بتأثير البقوليات على صحة القلب، فقد قام الباحثون بدراسة مجموعتين من الأشخاص بحسب درجة تناولهم للبقوليات ما بين الأشخاص الذين يتناولون البقوليات بكميات كبيرة؛ وآخرين يتناولونها بكميات قليلة. وقد وجدوا أن “تناول البقوليات الغذائية قد ارتبط بانخفاض بنسبة 8 ٪ ، 10 ٪ ، 9 ٪ ، و 13 ٪ في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض الشريان التاجي، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، على التوالي.”
ومع ذلك، فقد وجدوا أنه لا يوجد أي ارتباط بين تناول البقوليات وحدوث مرض احتشاء عضلة القلب، ومرض السكري، أو السكتة الدماغية. وبالمثل، فلم يحددوا أي علاقة بين البقوليات والوفيات الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية أو أمراض القلب التاجية أو السكتة الدماغية.
وعلى الرغم من أن القائمون بالدراسة قد أكدوا على وجود علاقة إيجابية بين استهلاك كميات أعلى من البقوليات وخفض خطر حدوث بعض أمراض القلب والأوعية الدموية و صحة القلب، إلا أن استنتاجاتهم لا تزال ضعيفة نسبيًا.
بعض صعوبات الدراسات الغذائية
واحدة من القضايا الرئيسية التي تواجه العلماء عند التحقيق في العلاقة بين التغذية والصحة هي الحالات المربكة التي تواجههم أثناء البحث. فعلى سبيل المثال، إذا تناول شخص ما البقوليات أكثر من المتوسط ، فقد يتناول أيضًا المزيد من الخضروات بشكل عام. وعلى العكس، فإن الشخص الذي يتناول القليل من البقوليات قد يتناول القليل من الفاكهة والخضروات بشكل عام.
وبالتالي فمن الصعب تحديد أية فوائد مترتبة على تناول أحد انواع البقوليات، على وجه التحديد. فقد تكون هذه الفوائد ببساطة ناجمة عن الزيادة في تناول الأغذية النباتية بشكل عام. وبالمثل، فإن الشخص الذي يتناول طعامًا صحيًا بشكل خاص قد يكون على الأرجح من محبي ممارسة الرياضة؛ وبهذا فيصعب تحديد ارتباط فائدة صحية معينة قد حصل عليها بتناوله للنظام الغذائي الصحي فقط أو ممارسته للرياضة فقط !! لذلك فيُعد فهم ما إذا كانت البقوليات، أو الأنماط الغذائية العامة، أو نمط الحياة بأكمله هو الذي يؤثر إيجابيًا على الصحة العامة أو صحة القلب، أمرًا مستحيلًا.
كما يوجد مشكلة أخرى تتركز حول التقارير الذاتية عن تناول الطعام الصحي. وهي الذاكرة البشرية، فعلى الرغم من أنها مثيرة للإعجاب، إلا أنها من الممكن أن ترتكب أخطاء. ويقول أحد المصادر حول هذا الموضوع أن التقارير الذاتية عن تناول الطعام الصحي سيئة للغاية لدرجة أنها غير مقبولة على الإطلاق للبحث العلمي.”
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، إلا أنه بشكل عام، يعتقد مؤلفو الدراسة أن زيادة تناول البقوليات يمكن أن يحسن صحة القلب. فبمجرد إضافة المزيد من الفاصولياء أو البازلاء إلى أطباقنا اليومية يمكن أن يكون بمثابة أداة قوية في مكافحة أمراض القلب وخفض ضغط الدم.”
وتقول د. هناء كاهيلوفا في هذا الصدد أنه على الرغم من أن الذين يدرسون علاقة أحد الأطعمة بمرض معين يواجهون العديد من التحديات، إلا أنه من المهم مواصلة هذا النوع من الدراسات. فحاليًا، في الولايات المتحدة على سبيل المثال، تتعلق حالة وفاة واحدة من كل 4 حالات بمرض القلب والأوعية الدموية. لذلك فإذا كان تغيير بسيط في النظام الغذائي يمكن أن يقلل من المخاطر حتى ولو كانت صغيرة، فمن الأفضل القيام به.