مرض الكبد الدهني غير الكحولي هو مصطلح شامل للحالات المرضية التي تصيب الكبد. وتُعد السمة الرئيسية به هي تراكم الدهون في هذا العضو. فهل يمكن للأندول أن يساعد في منع هذه الحالة المرضية وعلاجها؟
وفقا للبيانات الحديثة، فإن مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) لديه معدل انتشار عالمي يبلغ حوالي 25 ٪، وهو السبب الرئيسي لمشاكل الكبد المزمنة التي تصيب سكان العالم.
وتعد السمنة أحد أهم المخاطر التي تؤدي إلى الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD، والتي لها أيضًا ارتباطات وثيقة برفع مستويات الالتهابات الجهازية. وهذا بدوره يمكن أن يجعل أعراض هذا المرض أسوأ.
ونظرًا لأن حالات الكبد المرضية والسمنة منتشرة على نطاق واسع حول العالم، فيسعى الباحثون دائمًا إلى الوصول لطرق جديدة وفعالة لمنع الإصابة بهذه الحالات وعلاجها عند حدوثها.
في الآونة الأخيرة، قد أجرى فريق من المتخصصين من جامعة تكساس إيه آند إم – وذلك بالتعاون مع بعض الزملاء من مؤسسات بحثية أخرى – دراسة تشير إلى أن هناك مركبًا طبيعيًا يسمى الإندول يمكن أن يحسن من صحة المصابين بمرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD.
ويوجد الإندول في بعض الخضروات – خاصة الخضروات الصليبية – مثل البروكلي، وكرنب بروكسل، والملفوف “الكرنب”.
وفي هذا السياق فيقول الباحث الرئيسي بهذه الدراسة “الدكتور تشودونغ وو Chaodong Wu ” أنه بناءً على هذا البحث، فإن تناول الأطعمة الصحية ذات القدرة العالية على إنتاج الإندول ضرورية لمنع الإصابة بمرض NAFLD. كما أنها مفيدة أيضًا في تحسين صحة المصابين بهذا المرض”.
ويضيف “أن هذا الأمر دليل آخر على ضرورة اتباع نظام غذائي صحي من أجل الوقاية من الأمراض أو علاجها أو تحسين الصحة العامة للإنسان”.
العلاقة بين الإندول ومرض الكبد الدهني غير الكحولي
قد أجرى الباحثون دراستهم – التي توجد نتائجها في مجلة الكبد – على كُلًا من البشر والنماذج الحيوانية. ويشرح مؤلفو الدراسة في بحثهم أنه لا توجد دراسة منشورة – حتى الآن – تتناول العلاقة بين الإندول ومرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD بشريًا.
لذلك ولمعرفة ما إذا كان الإندول يمكن أن يكون مفيدًا بالفعل في الوقاية أو علاج مرض NAFLD على البشر، فقد قام الباحثون أولاً بدراسة دوره على المشاركين من البشر.
وبسبب العلاقات البحثية الجيدة مع جامعة Chongqing Medical University في الصين، فقد قام فريق البحث باختيار 137 مشاركًا صينيًا تتراوح أعمارهم بين 20 و 80 عامًا. كما قد كان 51 مشاركًا منهم يعانون من زيادة الوزن و 11 من السمنة.
وقام الباحثون بتحديد مستويات الإندول المتداول من المشاركين، وكذلك المؤشرات الحيوية للسمنة ومحتوى دهون الكبد لديهم.
وحينها قد وجد الباحثون أنه من بين مجموعة الدراسة، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشرات كتلة جسم أعلى (BMIs) كان لديهم مستويات أقل من الإندول. علاوة على ذلك، فكانت مستويات الإندول بين الأشخاص الذين يعانون من السمنة أقل بكثير من الأفراد الذين يتمتعون بمؤشر كتلة جسم معتدل.
والأهم من ذلك، أنه قد كان لدى الأفراد الذين يمتلكون مستويات منخفضة من الإندول نسبة عالية من تراكم الدهون في الكبد.
ويعتقد الباحثون أن هذه النتائج من المرجح أن تكون صحيحة لجميع الأشخاص بغض النظر عن موطنهم وجنسهم. ومع ذلك، ونظرًا لأنهم أجروا الدراسة على مشاركين صينيين فقط، فهم غير قادرين على تأكيد ذلك.
الكثير من الإندول يعني تراكم أقل من الدهون
من أجل إظهار الأهمية المحتملة لهذا المركب الطبيعي على صحة الكبد، فقد قام الباحثون بـ اختبار الاندول على الفئران من خلال سلسلة من التجارب. والتي قد توصلت إلى نتيجة مماثلة للتجارب التي أجريت على البشر.
وللتأكد من هذه النتائج، فقد قام الباحثون بتغذية مجموعة من الفئران بنظام غذائي عالي الدهون. ثم قارنوا مؤشراتهم الحيوية مع تلك الخاصة بفئران التحكم التي تناولت نظامًا غذائيًا منخفض الدهون.
وفي هذا الصدد يوضح الدكتور “جيانفرانكو ألبيني Gianfranco Alpini “- مؤلف مشارك في الدراسة – أن المقارنة بين النماذج الحيوانية التي تناولت نظامًا غذائيًا قليل الدسم مع التي تناولت نظام غذائي عالي الدهون قد أعطت فهماً أفضل لكيفية ارتباط الإندول بـ مرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD.
فعندما تم علاج الفئران المصابة بالكبد الدهني غير الكحولي بالإندول، لوحظ انه قد قلت مستويات الدهون والالتهابات في الكبد لديهم.
كما قد لاحظ الباحثون أيضًا أن الإندول لا يؤثر إيجابيًا على الكبد فقط، ولكنه يؤثر أيضًا على الخلايا الموجودة في الأمعاء، حيث يدفعهم إلى إرسال إشارات مضادة للالتهابات للعقل.
بالإضافة إلى ذلك فيشير الدكتور “شانون غلاسر Shannon Glaser ” إلى أن الارتباط بين القناة الهضمية والكبد يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى الدراسات على مرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD. لذلك فهناك حاجة ماسة إلى المزيد من الدراسات المستقبلية لفهم دور الإندول بشكل كامل”.
الإندول كعلاج لـ مرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD
بعد النتائج الحالية التي توصلت إليها هذه الدراسة، فيشير فريق البحث إلى أنه قد يكون من الممكن استخدام الإندول في علاج مرض الكبد الدهني غير الكحولي. فالأطعمة ذات القدرة العالية على إنتاج الإندول أو الأدوية التي تحاكي آثاره قد تكون علاجات جديدة لهذا المرض.
كما يضيف “الدكتور تشودونغ وو Chaodong Wu ” أن هذا المركب الطبيعي قد يلعب أيضًا دورًا مهمًا في منع تلف الكبد. مع العلم أن منع تطور مرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD، قد يعتمد على الأساليب الغذائية لضمان أن الميكروبات المعوية تسمح للإندول والمواد الأيضية الأخرى بالعمل بفعالية”.
ويؤكد “أنه هناك حاجة إلى إجراء أبحاث مستقبلية لمعرفة مدى قدرة بعض الأنظمة الغذائية على تحقيق ذلك بنجاح.”